
يجب علينا أن تكون معاييرنا إلهية، هذه في هي حد ذاتها تستدعي لها وقتاً طويلاً نتفهم جميعاً كيف يجب علينا أن تكون معاييرنا إلهية في مختلف الأشياء حتى لا نخدع؛ لأن فرعون إنما خدع قومه في مواجهة موسى بمعايير مادية {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ. أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ} مسكين {فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ}، أليست هذه كلها مظاهر مادية؟ أن يكون معه حاشية وخدم وموكب مثل ما معي يكون معه موكب من الملائكة, وأساور من ذهب وأشياء من هذه، هكذا يُخدع الناس دائماً بالمعايير المادية، التي هي في حد ذاتها لا يعطى إلا القليل منها على أيدي من يخدعون بها أو ينمقون أنفسهم أمامنا بالحديث عنها.
متى ما كانت المعايير التي نتعامل من خلالها مع الآخرين معايير إلهية فسيتحقق الكثير على يد من لديهم مبادئ إلهية مترسخة في أعماق نفوسهم، تجعل نفوسهم محطاً لأن يهتموا بالآخرين وإن لم يكن يعرفون الآخرين ولا يعرف الآخرون أسماءهم ولا أشكالهم. لاحظوا، الإمام علي هو آتى الزكاة وهو راكع؟ هل هو يتلفت إلى الفقير ويعرف من هو؟ أو الفقير نفسه يعرف من هو هذا؟. أليست هذه هي في حد ذاتها تبين لنا؛ لأنه أحياناً قد يقدم لك هذا خدمة لأنه يعرفك وتعرفه معرفة فيستحي منك أن تعرفه ثم لا يعطيك شيئاً، علي وهو أثناء الركوع ميزة أكثر من لو أعطاه وهو أثناء القيام، لو تعرّض له الفقير وهو أثناء القيام في الصلاة ربما لاتجه الفقير إليه لمعرفة ملامحه ربما يكون لديه شيء، أو ربما رأى الفقير فرأى حالته الرثّة فأشفق عليه .. لكن لا .. هو في حالة الركوع وعادة يكون الإنسان الذي يركع لا يبصر إلا الأرض، سمع بفقير يسأل، هذا الفقير لا يراه وهو لا يراه فيؤشر بيده إليه ليأخذه. هكذا يكون من نلحظ فيهم أن تكون نظرتنا إليهم من منطلق المعايير الإلهية, التكامل الإلهي من خلال ما ترسخ في نفوسهم من قيم الإسلام ومبادئه، هم من سيهتمون بمن لا يعرفهم ولا يعرفونه.
اقراء المزيد